mercredi 15 avril 2020

انتقال وانقضاء الرهن العقاري


العنوان الثالث: انتقال الرهن العقاري

سبق أن رأينا في إطار المقدمة، أن الرهن العقاري كغيره من التأمينات يتميز بصبغته التبعية التي تعني فيما تعنيه أن الرهن يرتبط بالدين المضمون في وجوده ومصيره. وتستفاد هذه الخاصية من تعريف الرهن ذاته في الفصل 201 م ح ع بأنه "عقد يخصص بموجبه المدين أو من يقوم مقامه شيئا...لضمان الوفاء بالتزام..". ومن نتائجها، أنه إذا انتقل الدين المضمون من ذمة إلى أخرى، فإن الرهن ينتقل معه بالتبعية. وتختلف صورة الانتقال التبعي (الباب الأول) عن الانتقال الأصلي أو المستقل للرهن (الباب الثاني). ومن أوجه الاختلاف بين هذين الصنفين أن الأول جائز بصريح النصوص العديدة التي كرّسته بينما يبدو الثاني قابلا للنقاش.

              الباب الأول: الانتقال التبعي للرهن
أجاز المشرع انتقال الرهن بالتبعية لانتقال الدين في عدة حالات يمكن حوصلتها في وجهين: إما بموجب الاتفاق (أ) أو بقوة القانون(ب).

أ - بموجب الاتفاق
أقر المشرع الانتقال التبعي للرهن بموجب الاتفاق في نصوص متفرقة، أولها الفصل 210 م ا ع الذي اقتضى أن: " إحالة الدين تشمل توابعه المتممة لذاته كالامتيازات إلا ما كان منها خاصا بذات المحيل ولا تشمل الرهن والضمان إلا بالنص الصريح وتشمل ما كان للمحيل من القيام بالبطلان والفسخ والفوائض التي حل أجلها ولم تُؤدّ تعد من مشمولاتها ما لم يكن هناك نص أو عادة تقتضي خلاف ذلك. ". ويفهم من هذا الفصل أن إحالة الدين من دائن إلى دائن آخر تفضي مبدئيا إلى انتقال توابع الدين وملحقاته بصفة آلية. وتدخل في ذلك الامتيازات ودعاوى الفسخ والبطلان وفوائض الدين المستحقة. أما إذا كان الدين المحال موثقا برهن، فإن انتقال الرهن لا يتحقق آليا وإنما باتفاق صريح بين المحيل (الدائن المرتهن) والمحال له (الدائن الجديد). وبمقتضى هذا الاتفاق يصبح من حق المحال له مطالبة المدين بأداء الدين مزودا بالرهن الضامن له.

ونفس هذه الأحكام تنطبق إذا كان انتقال الدين عن طريق الحوالة وذلك بمقتضى الفصل 237 م ا ع الذي أحال إلى نصوص إحالة الدين بقوله: "القواعد المقررة بالفصول ....210 يجري حكمها على الحوالة".
كما ينتقل الرهن اتفاقيا تبعا لانتقال الدين بموجب الحلول الشخصي، وذلك تطبيقا للفصل 224 م ا ع الذي تضمن أنه: " يتم الحلول المذكور بعقد متى قبض الدائن دينه من الغير واحله محله فيما له على المدين من الحقوق والمطالبات والامتيازات والرهون العقارية ويجب أن تكون الإحالة صريحة حين قبض الدين".

 ويستدعي فهم هذا النص التذكير بمعنى الحلول الشخصي وهو العملية القانونية التي تفضي إلى استبدال دائن سابق بدائن جديد بموجب أداء الدين. وتفترض هذه العملية ثلاثة أطراف دائن أصلي (طرف أول) ودائن جديد (طرف ثان) ومدين (طرف ثالث). ويتحقق الحلول إذا تولى الطرف الثاني (الدائن الجديد) خلاص الطرف الأول (الدائن الأصلي) في دينه المستحق إزاء الطرف الثالث (المدين)، فيحل الدائن الجديد محل الدائن الأصلي في جميع حقوقه إزاء المدين.

ويتضح بالرجوع إلى الفصل 223 م ا ع أن حلول الغير محل الدائن في حقوقه يتم تارة بناء على عقد وتارة بناء على نص قانوني.

ويعتبر الفصل 224 م ا ع صورة من صور الحلول التعاقدي الذي يحصل بموجب اتفاق يلتزم فيه الدائن الأصلي نحو الدائن الجديد بأن يحلّه في حقوقه نحو المدين بمجرد خلاصه في دينه. وإذا كان الدين موثقا برهن عقاري، فيمكن أن ينتقل هذا الرهن تبعيا إلى الدائن الجديد إذا اتفق الطرفان صراحة على ذلك.
ولا تفوت الإشارة في هذا السياق إلى أنه إذا تعلقت الإحالة أو الحوالة أو الحلول بدين موثق برهن على عقار مسجل، فلا بد من إشهار هذه العمليات بالرسم العقاري حتى يمكن للدائن الجديد أن يحتج بحقه إزاء الغير بمن فيهم المدين وذلك تطبيقا للفصل 374 م ح ع الذي صرّح بأنه "يجب التنصيص على نقل الرهن العقاري الواقع بطريقة الحلول أو بغيرها من الطرق بالرسم العقاري. ويخول هذا التنصيص للمحال له أو لمن حلّ محلّ غيره حق التصرّف في الترسيم ورفع اليد عنه. وإذا لم يقع التنصيص فإنّ الحلول أو التشطيب الصادر عن الدائن المرسّم يمكن أن يعارض به الـدائن الذي انتقل إليه الدين الموثّق".

 كما لا يجب أن يغيب عن الذهن أن انتقال الحقوق عن طريق العمليات الثلاثية على النحو المذكور، يخضع في نظامه إلى الأحكام العامة المقررة في الكتاب الأول من مجلة الالتزامات والعقود وتدخل في مادة أحكام الالتزام. ولذلك لن نتوسع فيها.

ب - بموجب القانون
ينتقل الرهن تبعيا بمقتضى القانون دون حاجة إلى وجود اتفاق بين الأطراف في وضعيات متنوعة منها ما يتحقق في إطار الخلافة العامة ومنها ما يقع في إطار الخلافة الخاصة.

              <أما الخلافة العامة، فالمقصود بها هي الصورة التي ينتقل فيها الرهن من المورث (السلف) إلى الوارث (الخلف). ذلك أن الميراث يعتبر سببا من أسباب اكتساب الملكية عملا بالفصل 22 م ح ع. فإذا توفي الدائن المرتهن، تنتقل جميع حقوقه المالية إلى ورثته بما فيها الدين المضمون بالرهن. ويحصل هذا الانتقال آليا فور وفاة المورث. وبموجبه يحق للورثة مطالبة مدين مورثهم بأن يؤدي لهم الدين مزودين إزاءه بالرهن العقاري.

              <وأما انتقال الرهن في نطاق الخلافة الخاصة، فيشمل كل الحالات التي يتحول فيها التأمين العيني من الدائن السابق (السلف) إلى الدائن الجديد (الخلف الخاص) بإرادة القانون وفي غياب أي اتفاق بين الأطراف.

وأول مثال على ذلك نجده في الفصل 12 من القانون عدد 4 المؤرخ في 2 فيفري 1998 والمتعلق بشركات استخلاص الديون حيث ورد أنه: " ينجر عن إحالة الدين لفائدة شركات استخلاص الديون وجوبا انتقال ديون المحيل بتوابعها المتممة لذاتها ورهونها وضماناتها. ويجب ترسيم الإحالة بالسجل العقاري إذا تعلقت الرهون أو الضمانات بعقار مسجل ".

أما المثال الثاني، فيستمد من صريح الفصل 226 م ا ع الذي نص على أنه: " يتمّ الحلول قانونا في الصور الآتية:

 أولا -للدائن سواء كان له رهن أو كان دينه بخط اليد فقط إذا أدى مال دائن آخر مقدم عليه بسبب امتيازاته ورهونه ولو كان متأخرا عليه في التاريخ.

ثانيا-كذلك لمشتري العقار إلى حد ثمن مشتراه إذا دفع هذا الثمن في خلاص أصحاب دين كان العقار مرهونا تحت يدهم.

ثالثا-لمن أدى دينا كان مشتركا فيه مع المدين أو مطلوبا به في حقه على أنه مدين متضامن معه أو كفيل عنه أو معه أو وكيل بالعمولة.

رابعا-في حق من أوفى بالدين لمصلحة له ولو لم يكن مطلوبا به كمن أعطى رهنا في دين غيره".

 ويستدعي هذا النص توضيح وضعيات الحلول القانوني التي عددها، حالة بحالة حتى يسهل استيعابها:

              3أما الوضعية الأولى، فتفترض وجود دائن يحتل رتبة متفوقة على غيره من الدائنين باعتبار أنه يتمتع بتأمين عيني سواء أكان رهنا عقاريا أم غيره. فيكون من مصلحة الدائن الذي يليه في الرتبة أن يتولى خلاصه في المبالغ المستحقة نحو المدين ليحل محله في حقوقه إزاءه مزودا بالتأمين العيني الذي يتمتع به. ولمزيد فهم المزايا التي يحققها هذا الحلول لنفترض أن المدين له دائنان: دائن مرتهن تبلغ قيمة دينه 100 ألف دينار ودائن عادي يبلغ دينه نفس القيمة وأن قيمة العقار المرهون هي 200 ألف دينار، لكن المدين فوت فيه للغير ولم يعد له مكاسب أخرى قابلة للتنفيذ عليها. في هذه الصورة يكون من مصلحة الدائن العادي أن يتولى خلاص الدائن المرتهن في دينه. وبذلك يحل محله بقوة القانون في حقوقه الناتجة عن الرهن ومن بينها حق التتبع الذي يخول له التنفيذ على العقار المرهون بين يدي واضع اليد واستخلاص قيمة الدينين الأول والثاني من ثمن العقار.

3وأما الوضعية الثانية، فتتعلق بفرضية بيع العقار المرهون لفائدة الغير مثقلا بعدة رهون. فإذا أراد المشتري تخليص العقار من هذه الرهون تفاديا لعقلته وبيعه من قبل الدائنين المرتهنين، يجوز له أن يتولى دفع ثمن العقار لهم مباشرة. وهنا يقوم احتمالان:

- إما أن يكون الثمن كافيا للوفاء بكامل الديون. فتنقضي الرهون في هذه الحال تبعا لانقضاء الديون المضمونة بها.

- وإما ألا يكون الثمن كافيا. وعندئذ يحل المشتري محل الدائنين المتقدمين في الرتبة الذين استوفوا ديونهم. وهذا ما يجعله منطقيا في مأمن من خطر التنفيذ على العقار المرهون باعتبار أنه حتى لو وقع بيعه فسوف يكون المشتري مقدما على الدائنين الموالين له في الرتبة.

3وتتصل الوضعية الثالثة بصورة من أدى دينا كان مطلوبا بإدائه مع غيره أو في حق غيره. وأبرز مثال على ذلك سبق التعرض إليه في درس الكفالة ويتعلق بدعوى الرجوع التي يتمتع بها الكفيل ضد المدين الأصلي بعد الوفاء بالدين. فإذا اضطر الكفيل إلى أداء الدين المتخلد في ذمة المدين يحق له الرجوع عليه لمطالبته بأن يسدد له ما دفعه في حقه. وعندئذ له خياران: إما القيام على أساس دعوى الرجوع الشخصي عملا بالفصل 1505 م ا ع الذي اقتضى أنه: "إذا أدى الكفيل الدين أداءً صحيحا يترتب عليه سقوط الدين فله أن يرجع على المدين بقدر ما أداه ". وإما القيام عليه بموجب دعوى الحلول الشخصي تطبيقا للفصل 1509 الذي تضمن أنه: "إذا أدى الكفيل الدين أداء صحيحا حلّ محلّ الدائن في جميع ما له على المدين من الحقوق والامتيازات بقدر ما أدّاه وعلى بقية الكفلاء بقدر مناب كل منهم". وغني عن التذكير بأن دعوى الحلول بهذا المعنى ما هي إلا تطبيق أمين للفصل 226 (ثالث) م ا ع.

3 كما تتعلق الوضعية الرابعة والأخيرة بحالة شبيهة للسابقة هي حالة الكفيل العيني الذي يرهن أحد مكاسبه سواء أكان عقارا أم منقولا ضمانا لدين غيره. فهو كالكفيل الشخصي، تنتقل إليه حقوق الدائن الأصلي إزاء المدين بموجب الحلول متى تولى سداد الدين. فإذا كان هذا الدين موثقا برهن آخر غير الرهن الصادر عن الكفيل العيني، أمكن له أن يتزود به في مواجهة الراهن سعيا لاستخلاص دينه.

ولئن كان انتقال الرهن يقع في جميع ما تقدم من الصور تبعا لانتقال الدين المضمون، فإنه يحق التساؤل عما إذا كان جائزا أن ينتقل الرهن بصفة أصلية.

              الباب الثاني: الانتقال الأصلي للرهن
يبدو انتقال الرهن بشكل مستقل عن الدين أمرا غير مقبول في قانوننا عملا بصريح الفصل 210 م ا ع الذي نصّ في فقرته الأخيرة على أن: "الضمان أو التوثقة لا تحال بغير الالتزام". مما يعني بقراءة عكسية أن الرهن لا ينتقل من الدائن إلى الغير إلا مع الدين المضمون.  

ومع ذلك فإن هذا المنع لا يؤخذ على إطلاقه لوجود صورتين استثنائيتين ينتقل فيهما الرهن مستقلا عن الدين تارة كليا وتارة جزئيا:

3أما صورة الانتقال الكلي، فهي مستمدة من الفصل 225 م ا ع الذي تضمن صراحة أن: " الحلول المذكور بالعقد يتم أيضا إذا اقترض المدين ما عليه من شخص لأداء دينه وأحاله على ما لدائنه من الضمانات في ذلك الدين"، مؤكدا أن هذا الحلول يتم ولو بغير رضاء الدائن. ويؤكد هذا النص أن المدين الذي يرغب في خلاص دينه عن طريق مبلغ يقترضه من شخص آخر، يحق له بعد الأداء أن يحيل إلى مقرضه (الدائن الجديد) الضمانات التي كان يتمتع بها الدائن الأصلي بما فيها الرهن. ويتحقق انتقال الرهن في هذه الصورة من الدائن الأصلي إلى الدائن الجديد بشكل مستقل بما أن الوفاء بالدين الأصلي يؤدي إلى انقضائه.

3وأما الانتقال الجزئي فيتحقق عندما يتنازل الدائن لفائدة دائن آخر لا عن رهنه وإنما عن أفضليته. والمقصود تحديدا هنا هي صورة إحالة رتبة الرهن، أي الاتفاق المتضمن قيام الدائن المرتهن الذي يحتل رتبة أعلى بالتخلي عن موقعه المفضل إلى دائن مرتهن آخر يليه في الرتبة. وهذه العملية تحصل كثيرا في التطبيق وخاصة في المعاملات البنكية لبواعث وأسباب مختلفة. وقد تكون بعوض أو بدونه. وهي جائزة وصحيحة لأن أفضلية الدائن هي حق لا شيء يمنعه قانونا من التنازل عنه لفائدة شخص آخر. ويعزّز ذلك أن الفصل 291 م ح ع يورد من بين أسباب انقضاء الرهون تنازل الدائن عنها. ومنطقيا، يمكن أن يكون هذا التنازل شاملا لكامل الرهن أو مقتصرا على عنصر من عناصره وهو الرتبة. وغني عن التذكير بقاعدة أن من أمكنه الأكثر أمكنه الأقل.

لكن إحالة الرتبة وإن كانت صحيحة، لا يجوز أن تكون تعسفية أو مؤدية إلى الإضرار بحقوق الغير وخاصة الدائن الذي يحتل مرتبة وسطى. فمثلا إذا كان العقار المرهون قيمته 200 وهناك ثلاثة دائنين مرتبين على النحو التالي:
1-     صالح بدين قيمته 100
2-     علي بدين قيمته 100
3-     عماد بدين قيمته200
فإن صالح إذا أحال رتبته إلى عماد، لا يجوز للمحال له أن يستفيد من مرتبة المحيل إلا في حدود دينه، أي 100 وليس 200. والقول بخلاف ذلك يؤدي حتما إلى النيل من حقوق علي لأنه سيحرمه من استخلاص جزء من دينه (100)، وهذا غير جائز.

ويبقى لنا الآن أن ننتقل إلى المسألة الأخيرة وهي انقضاء الرهن.

العنوان الرابع: انقضاء الرهن العقاري

يعدد المشرع أسباب انقضاء الرهن العقاري في الفصل 291 م ح ع وهي ثلاثة: انقضاء الالتزام الأصلي، أي الدين المضمون (1) أو تنازل الدائن عن الرهن (2) أو تطهير العقار المرهون من قبل من انتقلت إليه ملكيته(3).

              aفي الصورة الأولى، يؤدي انقضاء الدين بأي سبب من الأسباب إلى زوال الرهن بالتبعية. وأسباب الانقضاء كما عددها الفصل 339 م ا ع هي: الوفاء بالالتزام والإبراء الاختياري والتجديد أي استبدال الدين بغيره والمقاصة واختلاط الذمة والإقالة الاختيارية. أما التقادم المسقط فلا يسري على الدين الموثق برهن تطبيقا للفصل 390 م ا ع الذي اقتضى: " إذا كان للدين رهن منقول أو غير منقول فإن القيام به لا يسقط بمرور الزمن".  

        aأما إذا انقضى الرهن بتنازل الدائن عنه، فإن زوال الرهن يحصل هنا بصفة أصلية دون أن يترتب عنه انقضاء الدين.  ويمكن أن هذا التنازل مقابل حصول الدائن على ضمان عيني أو شخصي معوّض للرهن المتنازل عنه، أو بلا مقابل فيتحول الدين المفضل إلى دين عادي.

              aوأما التطهير فالمقصود به هو الحق الذي خوله القانون لمن انتقلت إليه ملكية العقار المرهون (واضع اليد) في أن يعرض على الدائنين المرسمين إداء الدين في حدود ثمن العقار المرهون أو قيمته وذلك تجنبا للتنفيذ عليه من قبلهم عن طريق ممارستهم لحق التتبع. مع التنبيه إلى أن التطهير بهذا المعنى يجب تمييزه عن المفعول التطهيري لحكم التسجيل العقاري وعن التطهير بموجب أمر الانتزاع من أجل المصلحة العامة أو أيضا بمقتضى حكم التبتيت العقاري عملا بالفصل 481 م م م ت وغير ذلك من الحالات المشابهة.

على أن القائمة التي جاء بها الفصل 291 م ح ع تبدو منقوصة، ويتحتم إتمامها بوسائل أخرى تؤدي إلى نفس النتيجة (أي انقضاء الرهن) وهي: هلاك العقار المرهون، واجتماع حق الرهن وحق الملكية في شخص واحد وانقضاء أجل الرهن وتحقق الشرط المعلق عليه فسخ الرهن وإحالة الدين دون الرهن وعدم بلوغ مرتبة صالحة للمحاصصة وعدم احترام الآجال التي يشترطها القانون للدخول في عملية التوزيع.

وبالرغم من إمكانية اعتراض البعض على التوسع في قائمة حالات انقضاء الرهن بناء على الطابع الحصري للفصل 291 م ح ع والصبغة الاستثنائية لمادة التأمينات العينية، إلا أن هذا التوسع جائز في نظرنا قياسا على الفصل 264 م ح ع واعتمادا على الشريعة العامة للالتزامات.

فإذا تحقق أحد أسباب الانقضاء على النحو المتقدم، فإن الرهن يزول ويقع التشطيب عليه بالتنصيص في رسم الملكية بما يفيد أن الرهن قد انقضى وبإن إشهاره لم يعد له أي قيمة قانونية.

وبالرجوع إلى الفصل 290 م ح ع، فإنه: "يقع التشطيب على الرهون بتقديم كتب ممضى من الدائن في رفع اليد أو بحكم أحرز علـى قـوة مـا اتصل به القضاء". وعليه فإن التشطيب يتمّ بطريقتين: إما بصفة إرادية أو بحكم قضائي.

              aالتشطيب الإرادي يؤذن به بناء على تقديم كتب في رفع اليد ممضى من الدائن. ولا تشترط لصحة هذا الكتب أية شكلية خاصة كوجوب تحريره بالبلاد التونسية، إذ لا يشمله الفصل 274 م ح ع، أو خضوعه للتحرير الوجوبي على معنى الفصل 377 مكرر جديد م ح ع، إذ هو مستثنى منه صراحة. وعلى العكس من ذلك فإذا تعلق الأمر بعقار مسجل، يكون كتب رفع اليد خاضعا كبقية الصكوك المقدمة للترسيم لجملة البيانات الواجبة في ذلك كمراعاة الفصل 377 م ح ع و 394 م ح ع ....كما يخضع لبقية المبادئ التي يقوم عليها الترسيم في العقارات المسجلة وذلك على اعتبار أن التشطيب ما هو في الحقيقة إلا ترسيم معاكس للحق المرسم الذي انقضى.

ولا تفوت الملاحظة في هذا المقام إلى عدم الحاجة إلى كتب رفع اليد في الرهون القانونية حيث يقع التشطيب عليها تلقائيا من طرف حافظ الملكية العقارية.

              aوأما التشطيب القضائي فينتج عن تقديم حكم مصرح بانقضاء الرهن. ويشترط في هذا الحكم أن يكون محرزا على قوة ما اتصل به القضاء، أي أنه لم يكن أو لم يعد قابلا للطعن فيه بإحدى الوسائل المعطلة للتنفيذ وفقا للفصل 286 م م م ت. وبناء على هذا الحكم يقع إزالة التنصيص على الرهن سواء من سند ملكيته بواسطة عدلين أو من الرسم العقاري عن طريق حافظ الملكية العقارية.