dimanche 11 octobre 2020

درس السنة الأولى حقوق: نظرية الحق

 النظرية العامة للحق

  
تقديم :
جرت العادة لدى أساتذة القانون وشرّاحه أن يتولّوا في اطار التمهيد للدراسات القانونية التمييز بين مفهومين أساسيين وهما : القانون من جهة والحق من جهة أخرى. 
ويبدو هذا التقسيم منطقيا. فالقانون هو مجموع القواعد السلوكية التي يخضع لها الافراد في المجتمع والتي تنظم مختلف العلاقات بينهم. ويعكس هذا التعريف أهمية القانون في حياتنا الاجتماعية. فحيث يوجد القانون يوجد المجتمع وحيث يوجد المجتمع يوجد القانون. ولا بد لكل مجتمع انساني من قانون يضعه لنفسه ويسير على قواعده واحكامه. وبهذا المعنى يعتبر القانون شرطا ضروريا لوجود المجتمعات البشرية ولبقائها ونموها وازدهارها ولمنع اعتداء الافراد بعضهم على بعض. فلا يمكن ان يتحقق التعايش السلمي بين الافراد إذا لم تكن هناك قواعد تحدد لهم ما يجب فعله وما ينبغي تركه وما يسمح به به وما لا يسمح به. لا بل ان تقدم المجتمعات الإنسانية وتحضرها، يقاس اليوم بمدى خضوعها واحترامها للقوانين التي تسنّها. وتسمى الدولة التي تكون فيها كلمة القانون هي العليا ويحترم فيها كل من الحاكم والمحكوم نصوص القانون: "دولة قانون" «Etat de Droit ».
 ولمفهوم "القانون" ارتباط وثيق بفكرة "الحق". والمقصود بالحق عموما، هو ما يتوفر للأشخاص في المجتمع من صلاحيات يتمتعون بها ويمارسونها طبق القانون كحق الملكية مثلا والحق في الحرمة الجسدية وحق التقاضي والحق في الحياة وفي المساواة والحق في الكرامة البشرية إضافة الى مختلف الحريات الفردية والجماعية التي تضمّن الدستور التونسي أهمها. غير ان الحق لا يكون له وجود الا إذا اقره القانون. فما لا يعترف به القانون او يكون ممنوعا قانونا لا يعتبر حقا. ومن المعروف أن مفهوم الحق لا ينفصل عن فكرة الواجب، أي ما يجب على الفرد فعله وما ينبغي عليه تركه. ويفرض القانون على الأشخاص احترام الواجبات المحمولة عليهم في المجتمع وعدم المساس بما لغيرهم من حقوق.
ولا بد من الإشارة من باب التدقيق الاصطلاحي، ان التفريق بين مصطلحي القانون والحق في اللغة العربية هو امر سهل باعتبار اختلاف المفهومين صياغة ومضمونا. اما في اللغة الفرنسية، فتدق التفرقة لان عبارة "Droit" تطلق في آن واحد على مفهومي القانون والحق ولها بذلك معنيان: فهي تدل من جهة على مجموع القواعد السلوكية التي تنظم العلاقات في المجتمع. وهذا هو القانون. وهي من جهة أخرى تشير الى ما يمنحه القانون الى الافراد من سلطات وصلاحيات وامتيازات. وهذه هي الحقوق. وتسهيلا للتمييز بين المعنيين، يضاففي اللغة الفرنسية أحيانا الى مصطلح « Droit » صفة « Objectif » فيقال" Droit Objectif" (قانون موضوعي) للدلالة على معنى القانون او القاعدة القانونية. وتضاف أحيانا أخرى عبارة « Subjectif » فيقال « Droit Subjectif » (حق ذاتي) للإشارة الى فكرة الحق.
والملاحظ بالرجوع الى كتب القانون ان الشراح او ما يطلق عليه "الفقه" « La doctrine » لم يستقروا على تعريف « Définition »  موحد لمعنى "الحق" ، اذ هناك عموما ثلاثة اتجاهات و نظريات في هذا الصدد نعرضها تباعا:
1/ النظرية الشخصية  « La Théorie Personnelle » :
وتعرف أيضا بنظرية الإرادة « La Théorie de la volonté ». ويرى أصحابها ان إرادة الانسان صاحب الحق هي العنصر الأساسي في تحديد مفهومه. وعليه، فهم يعرّفون الحق بانه قدرة او سلطة يمنحها القانون لإرادة الفرد لممارسة صلاحيات معينة. ومثال ذلك حق الملكية الذي هو بتعريفه سلطة للشخص على شيء يمكن له بمقتضاها استعماله واستغلاله والتصرف فيه حسب ارادته وفي نطاق القانون (الفصل 17 من مجلة الحقوق العينية). ومثال ذلك أيضا، الحق الشخصي للدائن الذي هو سلطة يمنحها القانون له، يمكنه بمقتضاها مطالبة مدينه بالوفاء بدينه واجباره على ذلك في صورة مماطلته عن طريق الوسائل المتاحة قانونا.

2/النظرية الموضوعية « La théorie objective » :
ويطلق عليها أيضا نظرية المصلحة « La théorie de l’intérêt ». وتنعت هذه النظرية بأنها موضوعية، لأنها لا تركز على أصحاب الحق بقدر موضوعه، أي الغاية التي يحققها لهؤلاء. فلكل حق غاية محددة يهدف اليها. وتتمثل في تحقيق منفعة او مصلحة لفائدة الفرد يضفي عليها القانون حمايته عن طريق الدعوى القضائية. وهذه المصلحة يمكن ان تكون مادية كحق الضحية في مطالبة المعتدي بالتعويض لها عن الاضرار البدنية أو المالية التي أصابتها من جراء فعله. ويمكن ان تكون المصلحة معنوية كالحق في الصورة وحرية المعتقد والحرية الفكرية. وانطلاقا من هذه الاعتبارات يعرف أصحاب النظرية الموضوعية الحق بانــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه    "مصلحة يحميها القانون"                « Un intérêt juridiquement protégé ».
 لكن كلا من النظريتين الشخصية والموضوعية كانتا محلا للنقد من قبل العديد من فقهاء القانون، مما أدى الى بروز نظرية حديثة مختلطة.

3/ النظرية الحديثة او المختلطة « La théorie mixte »: 
تسعى هذه النظرية الى إيجاد تعريف وسط يوفق بين النظريتين السابقتين القائمتين على فكرتي الإرادة والمصلحة. ويرى أصحاب هذا الاتجاه ان الحق هو في الآن ذاته قدرة ارادية للفرد ومصلحة يضمنها القانون. ومن بين التعريفات المقترحة من هؤلاء ما ذهب اليه الأستاذ هنري كابيتان Henri Capitant الذي اعتبر ان الحق هو "مصلحة مادية او أدبية يحميها القانون بتخويل صاحبها سلطة القيام بالأعمال الضرورية لتحقيقها". وهناك أيضا من اعتبر ان "الحق سلطة يقررها القانون لشخص معين يستطيع بمقتضاها القيام بأعمال معينة تحقيقا لمصلحة يقرها القانون".
على انه مهما اختلفت الاتجاهات وتنوعت التعريفات، فالثابت ان فكرة الحق تفترض توفر ثلاثة عناصر أساسية :
- صاحب الحق أي الشخص الذي يتمتع به ويمارسه.
- موضوع الحق أي المنفعة او المصلحة التي يحققها لصاحبه.
- الحماية القانونية للحق، باعتبار انه لا يمكن ان يوجد حق الا إذا أباحه القانون ووفر له ما يلزم من وسائل لحمايته.
- ويقر القانون للأشخاص حقوقا كثيرة لا يمكن عدها او حصرها. ويهدف هذا الدرس الى تمكين الطالب من الوقوف على القواعد الأساسية والمبادئ الكبرى التي تحكم الحق من خلال التعرض الى مختلف أصنافه وأقسامه (الجزء الأول) مرورا بأصحابه (الجزء الثاني) ووصولا الى الاحكام المنظمة لكيفية إثباته أمام القضاء سعيا لتوفير ما يقتضيه من حماية قانونية (الجزء الثالث).
- الجزء الأول: أقسام الحق.
- الجزء الثاني: أصحاب الحق.
- الجزء الثالث: إثبات الحق.

الجزء الأول: أقسام الحق.
يمكن تقسيم الحقوق اما بالرجوع الى موضوعها (الباب الأول) او اعتمادا على مصدرها (الباب الثاني).

الباب الأول: تقسيم الحقوق اعتمادا على موضوعها.
تنقسم الحقوق حسب موضوعها الى صنفين: حقوق ذات قيمة مالية يمكن التصرف فيها بسائر التصرفات القانونية: وتسمى حقوقا مالية او كذلك حقوقا تابعة للذمة المالية (Droits Patrimoniaux) (القسم الأول). وحقوق مرتبطة بذات الانسان ومقوماته المادية والمعنوية ولا يمكن تقييمها بالمال ولا التعامل فيها. وتسمى حقوقا غير مالية او حقوقا خارجة عن الذمة المالية « Droits extra patrimoniaux » (القسم الثاني).

القسم الأول : الحقوق المالية .
الحقوق المالية هي الحقوق القابلة للتعامل بين الافراد ومن شأنها ان تكون ذات قيمة نقدية. ويصفها بعض الشراح بحقوق الذمة المالية لأنها تكوّن الجانب الإيجابي من الذمة المالية للشخص (L’actif).
ومن هذا التعريف يتبين ان الحقوق المالية تتميز بالخصائص التالية :
- أنها قابلة للإحالة بين الاحياء عن طريق مختلف التصرفات القانونية من بيع وشراء ومعاوضة وهبة...
- أنها قابلة للانتقال بسبب الوفاة عن طريق الميراث الى الورثة.
- انها قابلة للتقادم بمرور الزمن بنوعيه المسقط او المكسب.
- انها قابلة للتنفيذ عليها عن طريق العقلة والبيع الجبري بسعي من الدائن وذلك في صورة عدم وفاء مدينه بالالتزام الذي يتحمله نحوه.


قابلة للإحالة 
قابلة للانتقال
الحقوق المالية            قابلة للتقادم 
قابلة للتنفيذ
ويتجه، قبل التعرض الى مختلف الحقوق العينية (المبحث الثاني)، ابداء بعض التوضيحات الضرورية حول مفهوم الذمة المالية (المبحث الاول).

المبحث الأول: مفهوم الذمة المالية.
يطلق مصطلح الذمة المالية في اللغة المتداولة عادة على ما يمتلكه الأشخاص من أشياء وثروات. اما في لغة القانون فالمقصود بالذمة المالية هو مجموع ما للشخص وما عليه من حقوق والتزامات مالية حاضرة ومستقبلة.
ويترتب عن هذا التعريف ان الذمة المالية تتركب من جانبين:
- جانب إيجابي «L’actif» يشمل ما يثبت للشخص من حقوق مالية.
- وجانب سلبي «Le passif» يتمثل في مجموع الديون والالتزامات التي يتحملها الشخص نحو غيره.
ويمكن ان تفوق قيمة الجانب السلبي (الديون) قيمة الجانب الإيجابي (المكاسب) دون ان يؤدي ذلك الى اضمحلال الذمة المالية. ولهذا شبهها الشراح بوعاء «Enveloppe» تتداخل فيه حقوق الشخص والتزاماته. وهذه الحقوق والالتزامات قابلة للتغير باستمرار بالزيادة او النقصان. فيزول بعضها ويدخل بعضها الآخر ليحل محل غيرها دون ان يؤثر ذلك على وجود الذمة المالية التي تظل قائمة كوعاء قابل لأن يمتلئ وان يفرغ باستمرار.
وعلى غرار القانون الفرنسي، تتميز الذمة المالية في القانون التونسي بأنها مرتبطة أشد الارتباط بالشخصية القانونية. فهي المظهر المالي للشخصية. مما تنجر عنه النتائج التالية:

1/ لكل شخص ذمة مالية. وهو يتمتع بها حتى لو كان معدما لا يملك أي شيء او كان مفلسا وغارقا في الديون.
2/ لا تثبت الذمة المالية الا للأشخاص الطبيعيين او المعنويين الذين لهم شخصية قانونية. أما غيرهم من الكائنات (الحيوانات) او المجموعات القانونية الفاقدة للشخصية القانونية كالشركة المدنية مثلا أو تجمع الشركات (Le groupe de sociétés  )فلا ذمة مالية لها .
3/ تبقى الذمة المالية ببقاء الشخص وتزول بزواله.
4/ ليس للشخص الا ذمة مالية واحدة لا تتجزأ ولا تتعدد. وهو ما يعبّر عنه بوحدة الذمة المالية «L’unité du patrimoine» . ويؤدي هذا المبدأ الى تمكين الدائنين من تتبع جميع ما يملكه المدين من أشياء اقتضاء لديونهم. وهو ما أقره المشرع صراحة في الفصل 192 م ح ع بقوله: "مكاسب المدين ضمان لدائنيه".
فمثلا: اذا اعسر احد التجار وفاقت ديونه قيمة ما له من أموال، حقّ لدائنيه الذين نشأت ديونهم في إطار التعامل التجاري التنفيذ لا فقط على مكاسبه المخصصة لنشاطه التجاري (البضائع والتجهيزات والمعدات...) بل وكذلك على ممتلكاته الخاصة (منزله او سيارته او أثاث بيته... ). ولا يمكن للمدين هنا أن يلزم دائنيه التجار بحصر أعمال التتبع في المكاسب المخصصة لنشاطه التجارية وعزل ممتلكاته الأخرى عن مجال التنفيذ.
ويعتبر هذا المثال مدخلا لاستعراض مختلف أنواع الحقوق الداخلة في الذمة المالية.

المبحث الثاني : مختلف الحقوق المالية 
تنقسم الحقوق المالية بدورها الى حقوق عينية (الفقرة الأولى) وحقوق شخصية (الفقرة الثانية). ويضاف الى هذين المجموعتين صنف ثالث يدعى بالحقوق الفكرية (الفقرة الثالثة).

الفقرة الأولى : الحقوق العينية « Les droits réels » 
■تعريف : يعرّف الحق العيني بانه سلطة قانونية يمارسها شخص على شيء مادي قابل للتملك، تخوله الحصول على منافعه الاقتصادية سواء كليا ام جزئيا. ويسمى عينيا لأنه يتعلق بالعين،أي الشيء (La chose). ومن خصائصه انه يمنح لصاحبه استئثارا يحميه القانون ويجعل العلاقة بينه وبين محله (أي الشيء الذي يتسلط عليه الحق العيني) علاقة مباشرة دون واسطة أحد. ومثال ذلك المالك الذي له الحق في ممارسة ما يمنحه له حق الملكية من صلاحيات (استعمال واستغلال وتصرف) وحده دون تدخل أي شخص آخر.
وتتكون الحقوق العينية من صنفين : الحقوق العينية الاصلية من جهة والحقوق العينية التبعية من جهة أخرى.
■ أمّا الحقوق الاصلية فهي التي تقوم مستقلة بذاتها دون الاستناد الى حق آخر تتبعه او تضمنه. وتنقسم بدورها الى : حق الملكية باعتباره أكمل الحقوق العينية وأشملها. والحقوق المتفرعة عنه. واهمها: حق الانتفاع وحق الاستعمال وحق السكنى وحق الارتفاق . وقد ورد تعداد الحقوق العينية بنوعيها في الفصل 12 م ح ع.
■ واما الحقوق التبعية فهي لا تنشأ مستقلة وانما تكون تابعة لحق شخصي (دين) ضمانا لاستيفائه ومن هنا جاءت تسميتها "بالضمـــــــــــــــــــــــــــانات او التأمينــــــــــــــات العينية ".« Les garanties ou les suretés réelles » . وهي كما عددها الفصل 193 م ح ع الامتياز والرهن وحق الحبس.

على ان الحقوق العينية مهما تنوعت، فلها خصائص مشتركة أهمها ما يلي:
1/ الحق العيني هو حق مطلق، أي يحتج به ويعارض به جميع الأشخاص لحملهم على احترامه وعدم الاعتداء عليه بشرط التقيّد بالإجراءات والشكليات الضرورية لإشهاره.
2/ الحق العيني يخول لصاحبه ممارسة حق التتبع على العين تحت أي يد انتقل إليها لاستردادها واستحقاقها. وإذا تعلق الأمر بتأمين عيني فإن الدائن صاحب الضمان يمكنه التنفيذ على العين ولو بين يدي الغير الذي انتقلت إليه ملكيتها عملا بالفصل 270 م ح ع في صورة الرهن العقاري مثلا أو  الفصل 316 م اع في إطار حق الحبس.
3/ الحق العيني يمنح صاحبه حق الأفضلية على كافة المزاحمين له. وأبرز مثال على ذلك نجده في باب الرهن الذي عرّفه المشرع في الفصل 201 م ح ع بأنه الحق الذي يخول صاحبه استخلاص دينه بالأفضلية على بقية الدائنين.

الفقرة الثانية : الحقوق الشخصية « les droits personnels » 

تكوّن الحقوق الشخصية الطائفة الثانية من الحقوق المالية. والحق الشخصي هو سلطة قانونية يمكن بمقتضاها لشخص يدعى الدائن (Le créancier) مطالبة شخص آخر يسمى المدين (Le débiteur) بتنفيذ التزامه (L’obligation) سواء أكان موضوع هذا الالتزام إعطاء شيء « Donner » او القيام بعمل « Faire »  او الامتناع عن القيام بعمل « Ne pas faire ».

ويفضي هذا التعريف الى عدة نتائج أبرزها ما يلي:
أولا : ان الحق الشخصي هو رابطة بين شخصين، الدائن من جهة والمدين من جهة أخرى، خلافا للحق العيني الذي هو علاقة قانونية بين الشخص صاحب الحق والشيء او العين محل الحق. واذا نظرنا الى الحق الشخصي من جهة الدائن وجب الحديث عن حق الدائنية (Le droit  de créance) أي سلطة الدائن في مطالبة المدين بأداء ما التزام به وجبره على ذلك عن طريق الوسائل القانونية عند الاقتضاء. أما اذا وجّهنا النظر الى مركز المدين، فنتحدث عن "الالتزام" (L’obligation) أي الواجب الذي يتحمله المدين إزاء الدائن في أداء ما التزم به وخضوعه الى التنفيذ الجبري اذا امتنع عن الوفاء الارادي بما عليه.

ثانيا : ان الحق الشخصي يتكون من ثلاثة عناصر:
- طرفا الحق وهما الدائن والمدين. وقد يتعدد الدائنون او المدينون أحيانا حسب ظروف التعامل.
- محل الحق الشخصي وهو الواجب الإيجابي (إعطاء شيء او عمل شيء) او السلبي (عدم العمل) الملقى على عاتق المدين.
- الحماية القانونية للحق الشخصي عن طريق الدعوى القضائية المتاحة للدائن ووسائل التنفيذ الجبري التي يمكن له ممارستها عن طريق عقلة وبيع مكاسب المدين واستخلاص دينه من ثمنها.

ثالثا : أن موضوع التزام المدين لا يخلو من أحد ثلاثة:
- اما إعطاء لشيء للدائن، مثل نقل ملكية المبيع من البائع الى المشتري.
- واما القيام بعمل، مثل تشييد بناء من قبل المقاول أو تسليم بضاعة من قبل البائع أو علاج مريض من لدن الطبيب...
- واما الامتناع عن عمل. ومثال ذلك التزام مشتري المحل التجاري بعدم منافسة البائع في تجارته او التزام الاجير بعدم العمل لدى احد منافسي مشغله السابق.

وانطلاقا من هذه العناصر والخصائص يتضح ان الحق الشخصي يختلف عن الحق العيني من عدة أوجه:
1/ هو حق نسبي لأنه لا يقوم الا بين طرفيه ولا يعارض به الغير تطبيقا للفصلين 240 و241 م ا ع. خلافا للحق العيني الذي يواجه به الكافة.
2/ الحق الشخصي لا يخول لصاحبه الا التنفيذ على المكاسب الموجودة في ذمة المدين ولا وجود فيه لحق تتبع.
3/ الحق الشخصي محكوم بمبدإ المساواة بين الدائنين عملا بالفصل 192 م ح ع (حق الضمان العام) خلافا للحق العيني الذي يمنح لصاحبه حق الأفضلية.

الفقرة الثالثة : الحقوق الفكرية

الحقوق الفكرية هي حقوق لها طبيعة مزدوجة، مالية وغير مالية. وهي لا تنسجم من التفرقة بين الحقوق العينية والحقوق الشخصية. ذلك انها لا تمارس ضد شخص معين (خلافا للحق الشخصي) ولا تتسلط على شيء مادي (خلافا للحق العيني). ولكنها تقترب من الحقوق المالية لأنها تشمل جانبا ماليا متمثلا في حق الاستغلال (Le monopole d’exploitation) المخول لصاحبها . مع أن هذا الالتقاء مع الحقوق المالية ليس مطلقا لان الحقوق الفكرية تتضمن جوانب أدبية ومعنوية غير مالية تتمثل خاصة في الابداعات التي ينتجها العقل من اعمال أدبية وفنية واختراعات وصور وتصاميم مستغلة في الميدان الصناعي والتجاري وهي عموما ما يلي:
- حقوق التأليف. وتشمل المصنفات الأدبية (روايات، قصائد شعرية ، مسرحيات...)
- الملكية الصناعية، التي تضم خاصة براءات الاختراع والعلامات التجارية والنماذج الصناعية.
وتوجد في القانون التونسي عدة نصوص تنظم الحقوق الفكرية وتحمي حقوق أصحابها. ومن هذه النصوص يتضح ان الحقوق الفكرية تتكون من جانب مالي يتمثل في حق المؤلف او المخترع او المنتج في استغلاله منتوجه الفكري والتصرف فيه. وجانب معنوي يبرز من خلال الحماية القانونية المقررة للفكر والابداع والابتكار.

ويبقى الآن أن نتناول بالدرس الحقوق غير المالية.